باتريس موتسيبي.. ثري يحكم الكرة الإفريقية

عندما أغلق الإتحاد الإفريقي لكرة القدم باب الترشيحات للرئاسة يوم 12 نونبر الماضي، وجدت اللجان القانونية في الإتحاد مرشحا وحيدا وضع ملفه بشكل رسمي، ولم يكن صاحب هذا الملف الوحيد سوى الرئيس الحالي الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي الذي عليه أن ينتظر يوم 12 مارس المقبل موعد اجتماع الجمعية العمومية لأعلى هيأة كروية في القارة السمراء، لتأكيد استمراره رئيسا لولاية ثانية بعد الأولى التي خلف فيها الملغاشي أحمد أحمد خلال دورة العاصمة المغربية الرباط سنة 2021.

فمن هو هذا القادم من بلاد نيلسون مانديلا؟ وكيف تحول من شخص بسيط خلال حكم نظام الأبارتايد، إلى ثري تجد إسمه في قائمة مجلة “فوروبس”؟ كيف صنع ثروته وأي الإستثمارات التي نجح فيها؟ وما علاقته بكرة القدم؟ وكيف تحول إلى مسؤول رياضي يحظى بدعم مطلق من رئيس الفيفا جياني إنفانتينو ؟

 

نشأة في زمن الأبارتايد

ولد باتريس تلوباني موتسيبي في الثامن والعشرين من شهر يناير من عام 1962 في بريتوريا بجنوب إفريقيا، أبوه هو أوغوستين موتسيبي المنحدر من شعب تسوانا، وهم مجموعة عرقية مهاجرة من بوتسوانا وتعيش في إفريقيا، والذي عمل مدرسا ثم أصبح يمتلك متجرا صغيرا لبيع أدوات التعدين، حيث كان مشهورا وسط عمال المناجم في المنطقة التي كان يقطن بها، وقد سمى ابنه بباتريس تيمنا بالأيقونة السياسية الكونغولية باتريس لومبومبا، رئيس وزراء الكونغو السابق.

وفي ذلك المتجر تعلم باتريس موتسيبي مبادئ العمل الأساسية من والده، وحصل على شهادة الباكالوريا في الآداب من جامعة سوازيلاند ودرجة الإجازة في القانون من جامعة ويتواترسراند وتخصص في التعدين وقانون الأعمال.

وفي عام 1994، أصبح أول شريك من السكان السود في مكتب المحاماة الخاص ببومان جيلفيلان، وهو نفس العام الذي تم فيه انتخاب نيلسون مانديلا كأول رئيس أسود للبلاد.

وبينما بدأت الحكومة الجديدة في الترويج لتمكين السود من ريادة الأعمال، أسس موتسيبي شركة فوتور مينينغ، التي قدمت خدمات التعدين التعاقدية التي تضمنت تنظيف غبار الذهب من داخل مناجم الذهب التي كانت في ملكية المستوطنين البيض، ونفذت نظامًا لمكافأة العمال يجمع بين الراتب الأساسي المنخفض ومكافأة تقاسم الأرباح، مما مكن موتسيبي من صفقات أخرى أسست له أرصدة بنكية كانت انطلاقته الناجحة في عالم المال والأعمال.

 

استثمارات مختلفة

في عام 1997، مع انخفاض أسعار الذهب، قام بشراء مناجم الذهب الهامشية من شركة أنغلو غولد بموجب شروط تمويل مواتية. ثم باعها بعد ذلك بمدة قصيرة مقابل 7.7 مليون دولار مما سمح له بسداد الدين من الأرباح المستقبلية للشركة المعروفة الآن باسم African Rainbow Minerals.

وتكرر ذلك في سلسلة من الصفقات وأنشأ موتسيبي شركة للبدء في شراء المناجم العاملة التي ستصبح مصدر ثروته.

وفي عام 1999 تعاون مع اثنين من شركائه لتأسيس شركة عملاقة أخرى، مستغلين قوانين التمكين الاقتصادي للسود التي تم تقديمها بعد انتخابات عام 1994، مما ساهم في تعزيز مكانة موتسيبي في صناعة التعدين في جنوب إفريقيا.

وفي عام 2004، أصبح موتسيبي مديرًا غير تنفيذي لمجموعة أبسا وسانلام، عندما تم إدراجها في بورصة جوهانسبرغ للأوراق المالية، ثم انضمت باقي شركاته إلى هولدينغ Harmony Gold Min Ltd وأصبح مالكا وحيدا له.

كما اعتلى باتريس موتسيبي منصب رئيس لغرفة التجارة والصناعة في جنوب إفريقيا.

وفي عام 2006، أنشأ موتسيبي شركة ضخمة للتأمينات والخدمات المالية في القارة الإفريقية. كما استثمر ثروته في شركات زراعية، وأخرى في الطاقات المتجددة وفي الإتصالات والعقارات الفاخرة.

 

شهرة لأسباب متعددة

في سنة 2013، ذاع اسم باتريس موتسيبي وسط جنوب إفريقيا بعدما تعهد بالتبرع بنصف ثروته للجمعيات الخيرية، لدعم حملة التعهد بالعطاء، التي أطلقها الثنائي الأمريكي وان بافيت وبيل جيتس، بجانب التعهد بتخصيص 55.7 مليون يورو لمكافحة الأمراض في أفريقيا.

كما يعرف موتسيبي بقرابته العائلية لأبرز المسؤولين السياسيين في جنوب إفريقيا، حيث إن شقيقته تشيبو هي زوجة رئيس البلاد، وشقيقته بريجيت هي زوجة جيف راديبي العضو القيادي البارز في الحزب الوطني الحاكم.

كما أن الملياردير الجنوب إفريقي كان وسط عاصفة من الإنتقادات عندما وجه خطابا إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عندما فاز بولايته الأولى قائلا: “إفريقيا تحبك يا دونالد ترامب”، مما فجر عليه غضب الكثيرين في القارة السمراء متهمين إياه باستغلال اسمهم للتقرب إلى الحاكم الجديد للبيت الأبيض، وانتهى الموضوع باعتذار موتسيبي مفسرا أنه كان يتحدث باسمه الشخصي.

فضلا عن ذلك، اشتهر اسم موتسيبي بزوجته بريشوس مولوي، وهي شخصية عامة وشهيرة في جنوب أفريقيا وذات نجاحات اقتصادية كبرى. فهي أول قصة حب في حياة رئيس “الكاف”، وتعرف إليها في أواخر الثمانينيات، وتنتمي لأصول بوتسوانية، وتزوجها في عام 1989.

وتعرف بريشوس بالمرأة الحديدية، فهي صاحبة نشاط واسع في إدارة نادي صن داونز وكانت كلمة السر في تصميم ألوان الفريق وقمصانه الرسمية، وكذلك لعبت دورا في التعاقد مع بيتسو موسيماني لتدريب الفريق قبل سنوات، وتتخطى ثروتها الشخصية حاجز 500 مليون يورو، وهي تعمل في مجال الأزياء وتملك بيت أزياء ولها باع طويل في إدارة عروض الأزياء في القارة السمراء.

 

مناصب رياضية

بعد نجاحاته المالية كرجل أعمال، اتجه موتسيبي مطلع القرن الحالي للاستثمار في الرياضة عموما، وكرة القدم بوجه خاص، بعدما امتلك في السابق 26% من نادي بلو بولز للريكبي في جنوب أفريقيا.

وفي عام 2004، اشترى باتريس موتسيبي 51% من أسهم نادي صنداونز، وتباعا استحوذ على النسبة المتبقية من الأسهم، وبالتالي أصبح المالك الوحيد للنادي.

ورغم أنه لم يمارس كرة القدم في حياته مطلقا، إلا أنه نجح في الوصول لأكبر منصب داخل القارة السمراء عبر رحلة لم تزد عن 17 عاما بدأها عندما أصبح رئيسا لصن داونز، ثم اعتلى منصب رئيس الإتحاد الإفريقي لكرة القدم سنة 2021 عقب إزاحة الملغاشي أحمد أحمد المتورط في ملفات فساد داخل الكاف، وأيضا بفضل الدعم المطلق للجنوب إفريقي من طرف رئيس الإتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا”، الذي عبد له طريق الرئاسة بعدما طلب من جميع المرشحين الآخرين للمنصب سحب ترشيحهم وترك باتريس موتسيبي مرشحا وحيدا.

نفس السيناريو سيتكرر مع فتح باب الترشيحات لمنصب الرئاسة خلال الأسابيع الماضية، حيث فوجئ جميع المراقبين ببقاء الثري الجنوب إفريقي كمرشح وحيد، خصوصا بعد اللغط الكبير حول التحركات في الكواليس الإفريقية للإطاحة به وتعويضه بالمصري هاني أبوريدة، ولكن يبدو أن المظلة القوية التي تحمي موتسيبي كانت كلمتها فوق الجميع وقررت استمراره لولاية أخرى على الأقل.

إقرأ أيضا

  • الرياضة

    الإتحاد الإسباني يمدد عقد دي لا فوينتي إلى غاية 2028

  • الرياضة

    الرباط تستعد لاستضافة حفل قرعة كأس أمم إفريقيا 2025

  • الرياضة

    أليو سيسيه: المغرب سيقدم نسخة تاريخية من كأس أمم إفريقيا

  • الرياضة

    عادل هالا يستقيل من رئاسة نادي الرجاء الرياضي لكرة القدم

  • الرياضة

    حجي: المغرب محظوظ باستضافة البطولة الأكثر إثارة في تاريخ “الكان”

  • الرياضة

    باتريس موتسيبي.. ثري يحكم الكرة الإفريقية