الرياضة / الكابتن

خريف جوارديولا وربيع سلوت.. كيف تربع الهولندى على عرش البريميرليج؟

"لست متفاجئًا من بداية سلوت مع ليفربول، لقد أخبروني في هولندا بأنه سينجح، سيكون مختلفًا للغاية"، هذه كانت كلمات الألماني يورجن كلوب المدير الفني السابق لليفربول بعد أشهر قليلة من انطلاقة مدرب الريدز الجديد الهولندي أرني سلوت التي لم يتوقعها أكثر المتفائلين بعد رحيل مدربهم التاريخي وسط فترة انتقالية كان من المتوقع أن يعيشها النادي الإنجليزي الذي غاب عن البطولات الفترة الأخيرة، خاصة على صعيد الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، قبل أن يأتي صاحب الـ46 عامًا ويثبت جدارته على الصعيدين المحلي والأوروبي في 3 أشهر فقط.

مع صعود أسهم الإسباني مايكل أرتيتا المدير الفني لأرسنال الكبيرة للمنافسة القوية على اللقب هذا الموسم؛ بجانب مواطنه بيب جوارديولا المدير الفني لمانشستر سيتي حامل اللقب الذي سيطر على إنجلترا لسنوات، وصل سلوت ليفرض نفسه خصمًا قويًا ونديًا جديدًا في صراع الحصول على لقب الدوري الأفضل في العالم، ليتربع على عرش صدارة البريميرليج برصيد 28 نقطة وبفارق 5 نقاط عن أقرب ملاحقيه السيتي و9 نقاط عن أرسنال صاحبي المركز الثالث بالتساوي.

وبخطى ثابتة تمكن سلوت من وضع ليفربول على رأس أفضل فرق العالم في الوقت الحالي، وبنفس قوام الفريق الذي تركه كلوب للمدرب الهولندي الذي كانت ترى الجماهير أنه كان يحتاج الكثير للتدعيم، ورغم ذلك إلا أن سلوت ضرب بعصاته السحرية على قائمة الفريق ولاعبيه الذين تبدل حالهم تمامًا، وأصبح يكونون قائمة من الأفضل في العالم بالوقت، على رأسهم نجمنا المصري محمد صلاح الذي يعيش واحد من أفضل مواسمه خلال 8 سنوات مع الريدز.

سلوت ونسخة متطورة من كلوب

وسار سلوت على نهج كلوب في طريقة اللعب كرسم خططي 4-3-3 لكنه كان خط دفاعه الأول والذي طور منه الهولندي هو أبرز ميزات المدرب التي جعلت الريدز من أضعف الفرق دفاعيًا الموسم الماضي للأفضل بالموسم الحالي، كما تمكن من إعادة هيكلة وسط الملعب بمنح مواطنه جرافنبيرج لاعب وسط الفريق، بعد أن كان خارج الحسابات ليصبح القطعة الأساسية في وسط ملعب ليفربول مع سلوت.

وتميز سلوت بالاستحواذ والضغط العالي على الخصم في نسخة متطورة عن كلوب الذي كان يضغط بشكل عال كبير ويترك الاستحواذ للخصم، ويقول جوتا مهاجم الفريق عنه "هو متطلب، حتى مع الفوز 4-1 كان يخبرنا بما نحتاج إلى تحسينه والقيام به بشكل أفضل. لذا، أعتقد أن هذا هو الطريق إلى الأمام".

وعدد الكولومبي لويس دياز واحدا من أفضل اللاعبين تحت قيادة المدرب الهولندي هذا الموسم مميزات سلوت قائلًا: "يمكنني أن أقول إنه كان رائعًا منذ اليوم الأول الذي التقينا فيه.. العلاقة جيدة وتستمر في كونها كذلك هو منتبه جدًا للأمور التي تحتاج لتحسين، ولكنه أيضًا يمدحك على الأشياء الجيدة التي تقوم بها"، ولم يتوقف تفوق كلوب على الدوري الإنجليزي فقط، بل تربع على عرش صدارة دوري أبطال أوروبا بالعلامة الكاملة بعد 4 جولات.

وأثنى صلاح على سلوت بعد شهر من المنافسات وقال في تصريحات سابقة: "نعم طريقة اللعب مختلفة قليلا، واللاعبون يتأقلمون حاليا مع الطريقة الجديدة، لأن سلوت يغير الطريقة حسب المباراة، كلوب كانت طريقته ثابتة، ويحاول فرضها على أي فريق نواجهه عكس سلوت".

التشبع وعدم ضخ دماء جديدة السر وراء تراجع السيتي

شهد مانشستر سيتي تراجعًا واضحًا في أدائه هذا الموسم تحت قيادة المدرب الإسباني بيب جوارديولا، الذي لطالما قاد الفريق إلى نجاحات محلية ودولية ومع ذلك، يظهر الفريق اليوم بصورة أقل حدة وتألقًا مقارنةً بالمواسم السابقة، ما يثير تساؤلات حول أسباب هذا التراجع وهل يمكن للفريق استعادة بريقه في ظل هذه التحديات.

أحد أبرز الأسباب المحتملة لتراجع أداء مانشستر سيتي هذا الموسم هو الإرهاق البدني والنفسي الذي يعاني منه اللاعبون بعد سنوات من المنافسة المكثفة، فقد اعتاد لاعبو الفريق على اللعب في عدد كبير من المباريات سنويًا، حيث ينافسون على جبهات متعددة، مثل الدوري الإنجليزي الممتاز، دوري أبطال أوروبا، وكئوس محلية أخرى، تراكم الإرهاق من المواسم المتتالية من دون فترات كافية من الراحة يجعل اللاعبين أكثر عرضة للإصابات ويؤثر سلبًا على أدائهم.

إضافة إلى ذلك، يمكن أن يُعزى التراجع إلى رحيل بعض اللاعبين الرئيسيين خلال فترة الانتقالات، مثل الأرجنتيني جوليان ألفاريز مهاجم الفريق والذي جعل إيرلينج هالاند ليس له بديل ووضع عليه عبئ إضافي وبدني دون وجود حلول في مركز المهاجم بعد أن تراجع مستو النرويجي الفترة إلى فاتت بجانب إصابة الإسباني رودري لاعب المحور الأساسي والمحرك الأساسي للفريق، ما خلق فجوة في تشكيلة الفريق وأثر على انسجام الفريق داخل الملعب، على الرغم من أن النادي أضاف لاعبين جدد لتعويض الغياب، إلا أن الاندماج الكامل في أسلوب لعب جوارديولا المعروف بتعقيده يتطلب وقتًا، وقد يكون التكيف السريع تحديًا بالنسبة للاعبين الجدد بجانب أن الأسماء لم تكن على قدر التعويض الأبرز.

تكتيكيًا، يبدو أن الفرق المنافسة أصبحت أكثر قدرة على فهم وتوقع أسلوب لعب مانشستر سيتي، حيث بدأت الفرق الأخرى في الدوري تطور استراتيجيات مضادة للسيطرة على أسلوب سيتي الاستحواذي، هذا الأسلوب الذي يعتمد على الاستحواذ العالي والدفاع المتقدم لم يعد بالفعالية السابقة، خصوصًا أمام فرق تجيد التحولات السريعة والضغط العالي.

من ناحية أخرى، قد يكون هناك تأثير نفسي ناتج عن تحقيقهم لأول لقب دوري أبطال في تاريخ النادي الموسم قبل الماضي، قد يكون لهذا الإنجاز أثر مزدوج؛ إذ إنه قد يؤدي إلى انخفاض مستوى الحافز لدى بعض اللاعبين، باعتبار أن الإنجاز الأبرز تم تحقيقه، وبالتالي يحتاج الفريق إلى تجديد دوافعه للعودة بنفس الشغف لتحقيق الألقاب.

في النهاية، لا يزال بيب جوارديولا واحدًا من أفضل المدربين في العالم، وقدرته على تكييف الفريق مع التحديات المتغيرة مشهود لها ومع بعض التعديلات التكتيكية وإعادة تقييم استراتيجية الفريق، قد يكون مانشستر سيتي قادرًا على استعادة مستواه المعهود، لكن هذا يعتمد بشكل كبير على جاهزية اللاعبين وقدرتهم على التكيف مع المستجدات.

إقرأ أيضا